منتدى الشــامل للمعلومات العامة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تحليلات عربية و دولية

اذهب الى الأسفل

تحليلات عربية و دولية Empty تحليلات عربية و دولية

مُساهمة من طرف وليدالحسني الإثنين 5 نوفمبر 2007 - 14:33

عادت شركات توظيف الأموال للظهور مجددا بصور مختلفة وتلقي النائب العام في العام الماضي عددا كبيرا من البلاغات من نحو ثلاثة آلاف مودع بلغ مجموع إيداعاتهم قرابة‏300‏ مليون جنيه‏,‏ وقعوا ضحية لهذه الشركات التي تحترف العمل خارج القانون والنصب علي من يودع أمواله لديها‏.‏ ويتصور البعض أن الطمع في العوائد الأعلي التي توهم هذه الشركات ضحاياها بأنها ستقدمها لهم‏,‏ هو السبب الوحيد في توجه بعض المواطنين بمدخراتهم إليها‏,‏ وهو تصور غير صحيح‏,‏ لأن هناك العديد من العوامل التي ربما تكون أكثر أهمية‏,‏ تتعلق بضعف وضحالة الثقافة الاستثمارية‏,‏ وتتعلق بكفاءة الجهاز المصرفي ومدي تنوع الأوعية الادخارية التي يقدمها للمدخرين‏.‏ كما تتعلق أيضا بسياسة سعر الفائدة التي ربما تعد السبب الأكثر أهمية في تحديد جاذبية الادخار في الجهاز المصرفي بالمقارنة مع شركات توظيف الأموال‏.‏

والحقيقة أن سعر الفائدة في مصر في الوقت الراهن يقل عن معدل التضخم‏,‏ بما يعني عمليا أن الأموال التي يتم إيداعها في الجهاز المصرفي تفقد جزءا من قدرتها الشرائية ولا تتزايد قيمتها الحقيقية بل تتراجع مع مرور الزمن‏.‏ وعندما يكون سعر الفائدة سلبيا علي هذا النحو‏,‏ فإنه يشكل عنصرا منفردا من الادخار في الجهاز المصرفي‏,‏ وبالتالي يبدأ حائزو الأموال في التفكير في قنوات أخري للاستفادة من أموالهم‏.‏ وفي ظل افتقاد صغار ومتوسطي وحتي بعض كبار المدخرين للخبرات في مجال الاستثمار المباشر في الاقتصاد العيني‏,‏ فإن البحث يتوجه نحو من يستثمرها لهم‏,‏ سواء في البورصة أو في شركات توظيف الأموال‏,‏ أو يتم استخدامها في الاستثمار العقاري السهل نسبيا بما يشعل أسعار العقارات والأراضي‏.‏ وللعلم فإن ظاهرة شركات توظيف الأموال القديمة التي ارتدت ثوبا دينيا‏,‏ ظهرت وتوحشت حينما أصبح سعر الفائدة سلبيا خلال ثمانينيات القرن العشرين‏,‏ وهو ما يؤكد أن هذه الفائدة السلبية أحد الأسباب المهمة لنشوء وتطور هذه الظاهرة الخطيرة‏.‏

وقد تعرضت تلك الشركات لهزة عنيفة عندما حدثت أزمة أسواق المال العالمية عام‏1987‏ وعندما تدهورت أسعار الذهب بشدة‏,‏ حيث كانت تستثمر جزءا من الأموال المتاحة لها في الذهب وأسواق المال‏,‏ فضلا عن الشبهات التي حامت حول ضلوعها في نشاطات الاقتصاد الأسود المتنوعة‏.‏ وعلي أي الأحوال فإن تلك الشركات انهارت كأنها فقاعة هواء خلفت وراءها مدخرات ضائعة بمليارات الجنيهات وقضت علي جزء مهم من رصيد الطبقة الوسطي وبالذات الذين كانوا يعملون في الخارج‏.‏

وكانت معدلات التضخم المرتفعة قد تجاوزت سعر الفائدة وأدت إلي إفقاد المدخرات في الجهاز المصرفي لجانب كبير من قدراتها الشرائية‏,‏ حيث كانت معدلات الفائدة في الفترة من‏1986‏ حتي عام‏1990,‏ تقل كثيرا عن معدل التضخم السائد في مصر‏,‏ بما يعني أن سعر الفائدة الحقيقي‏,‏ كان سلبيا‏,‏ حيث بلغ سعر الفائدة الأسمي‏13%‏ خلال الفترة من عام‏1986‏ حتي عام‏1988,‏ وارتفع إلي‏14%‏ خلال عامي‏1990,1989,‏ وبالمقابل بلغ معدل التضخم في أعوام‏1990,1989,1988,1987,1986‏ علي التوالي‏,‏ نحو‏23.9%,19.7%,17.7%,21.3%,16.8%‏ بالترتيب‏.‏ وهذا يعني أن سعر الفائدة الحقيقي في مصر كان سلبيا وبلغ نحو‏-10.9%,-6.7%,-4.7%,-7.3%,-2.8%‏ في أعوام‏1990,1989,1988,1987,1986‏ علي التوالي‏,‏ وبالتالي فإن سياسة سعر الفائدة أوقعت أضرارا كبيرة بالمدخرين‏.‏ وكان منطقيا أن تظهر شركات توظيف الأموال في تلك الظروف‏.‏ وفي الوقت الحالي يبلغ سعر الفائدة نحو‏8%,‏ بينما بلغ معدل التضخم في ديسمبر الماضي‏12.4%,‏ وهو يراوح منذ ثمانية أشهر علي الأقل عند مستويات أعلي كثيرا من سعر الفائدة‏,‏ بما يعني أن سعر الفائدة سلبي بصورة منفرة للادخار‏.‏ وفي بلد مثل مصر‏,‏ فإن رفع معدل الادخار يبدو مطلبا أساسيا لأي تخطيط للنهوض والتنمية الاقتصادية‏,‏ حيث تحقق مصر مستوي متدنيا من الادخار الذي لا يزيد علي‏16.3%‏ من الناتج المحلي الإجمالي عام‏2006/2005,‏ مقارنة بنحو‏21%‏ في المتوسط العالمي ونحو‏41%‏ في البلدان سريعة النمو في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ‏.‏

وتعتمد السياسة النقدية الراهنة علي خفض سعر الفائدة بغرض إنعاش الاقتصاد المصري من خلال تشجيع رجال الأعمال علي الاقتراض بأسعار إقراض منخفضة‏,‏ لتمويل بناء مشروعات جديدة تؤدي إلي زيادة الناتج وإيجاد فرص عمل جديدة‏.‏ ورغم صحة هذه السياسة النقدية نظريا‏,‏ إلا أن فعاليتها تتوقف علي قدرة الإدارة الاقتصادية علي السيطرة علي التضخم‏,‏ وهي فشلت في ذلك فعليا كما تدل علي ذلك مؤشرات التضخم‏.‏

كما تتوقف فعالية هذه السياسة النقدية علي سلوك طبقة رجال الأعمال وكفاءة الجهاز المصرفي في إدارة عملية منح الائتمان‏.‏ والحقيقة أن السلوك العملي لبعض رجال الأعمال المصريين في الوقت الراهن الذي يركز علي تحقيق الربح من خلال الاستيراد والتوزيع الداخلي لسلع منتجة في الخارج‏,‏ أو تجميع مكونات مستوردة‏,‏ أو عدم احترام المواصفات القياسية حتي في السلع المتعلقة بحياة البشر وصحتهم‏,‏ أو الرغبة في الاستيلاء علي أموال البنوك والهروب بها للخارج‏..‏ هذا السلوك يفقد هذه السياسة النقدية جزءا مهما من فعاليتها الممكنة لو كانت هناك طبقة رجال أعمال من نوع مختلف‏.‏ كذلك فإن محدودية كفاءة الجهاز المصرفي في إدارة الائتمان والتركيز علي الضمانات الورقية وليس متابعة وإنجاح المشروعات الممولة من البنوك‏,‏ والتركيز علي شراء سندات وأذون الخزانة والاكتتاب في الشركات العامة والمشتركة‏,‏ يحد من قدرة الجهاز المصرفي علي التوظيف الفعال للسياسة النقدية التوسعية المتمثلة في خفض أسعار الفائدة‏.‏ وقد نتج عن انخفاض سعر الفائدة‏,‏ وارتفاع معدل التضخم عنها‏,‏ أن أصبح سعر الفائدة الحقيقي في مصر علي الودائع المصرفية‏,‏ سلبيا‏,‏ وهو مؤشر خطير يدفع المدخرين الذين يفتقدون للثقافة الاستثمارية إلي التخبط بين الاندفاع إلي مجال الاستثمار العقاري السهل نسبيا بما رفع أسعار الأراضي والعقارات بصورة مبالغ فيها للغاية عام‏2006,‏ ويدفعهم أيضا إلي الاستثمار في البورصة دون خبرة ليكونوا نهبا لتحايل الكثير من شركات السمسرة التي تتواطأ لمصلحة مستثمرين مميزين علي حساب صغار ومتوسطي المستثمرين‏.‏ كما عادت ظاهرة شركات توظيف الأموال للظهور بكل المخاطر التي تنطوي عليها والتي خبرتها مصر عبر الأزمة الكبري لشركات توظيف الأموال القديمة‏.‏ وهذه الظاهرة لن يكون بالإمكان مواجهتها سوي بالالتزام بإبقاء سعر الفائدة موجبا وأعلي من معدل التضخم الحقيقي‏,‏ بما يشجع علي الادخار في الجهاز المصرفي وعدم الانسياق وراء الأوهام التي تبيعها شركات توظيف الأموال التي ينبغي أن تقوم أجهزة الإعلام الرسمية بحملات لتوعية المواطنين بمخاطرها‏.‏ كما أن مقاومة ظاهرة عودة شركات توظيف الأموال تتطلب تطوير الأوعية الاستثمارية المتاحة لدي صناديق الاستثمار في البنوك لتشجيع المواطنين علي استثمار أموالهم فيها‏,‏ والتوسع في الإقراض الصغير المضمون بالمشروعات التي يمولها أكثر من الضمانات الورقية المعقدة لتشجيع المواطنين علي استثمار أموالهم بأنفسهم‏,‏ ومكافحة التضخم كآلية تسمح بإبقاء سعر الفائدة إيجابيا طالما ظل أعلي من معدل التضخم‏.‏

وليدالحسني
مدير عام
مدير عام

عدد الرسائل : 396
العمر : 37
الموقع : www.alhasny.mam9.com
العمل/الترفيه : المسابقات
المزاج : رائق
تاريخ التسجيل : 28/08/2007

https://alhasny.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى