منتدى الشــامل للمعلومات العامة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تحليلات عربية و دولية

اذهب الى الأسفل

تحليلات عربية و دولية Empty تحليلات عربية و دولية

مُساهمة من طرف وليدالحسني الإثنين 5 نوفمبر 2007 - 14:25

كثيرة هي الأزمات التي واجهت النظام الإقليمي العربي الرسمي منذ تأسيسه عقب الحرب العالمية الثانية‏.‏ وكان بعض هذه الأزمات عاتيا‏,‏ وحمل بعضها الآخر معه نذر تفكيك هذا النظام‏.‏ ولكنه تمكن من عبور هذه الأزمات جميعها‏,‏ بدءا من أزمة‏'‏ الحرب الباردة العربية‏'‏ في أواخر خمسينيات ومعظم ستينيات القرن الماضي‏,‏ وحتي أزمة الحرب الأمريكية علي العراق قبل أربع سنوات‏,‏ ومرورا بأزمات كبري أخري من أهمها أزمة كامب ديفيد والمقاطعة العربية لمصر في أواخر السبعينيات‏.‏

ويعتبر النظام العربي علي هذا النحو‏,‏ من النظم الإقليمية التي تتميز بقدرة عالية علي البقاء في ظل أخطر التهديدات‏.‏ ولذلك فالسؤال الذي يصح أن يشغلنا في اللحظة الراهنة هو عما إذا كانت هذه القدرة كافية لعبور أزمته الراهنة التي تتفاوت التقديرات بشأن مدي خطرها مقارنة بالأزمات السابقة‏.‏

وتعود هذه الأزمة إلي الانقسام الذي حدث في قلب النظام العربي‏,‏ وجعل مصر والسعودية في جانب وسوريا في الجانب الآخر‏,‏ وارتباط ذلك بصراع متصاعد علي مستقبل المنطقة تتخذ فيه دمشق موقف التحالف مع إيران‏.‏

فكان التنسيق المصري‏-‏ السعودي‏-‏ السوري بمثابة القلب الذي حافظ علي النظام العربي وحفظه من تفكك هدده أكثر من مرة منذ أزمة الغزو العراقي للكويت وحتي أزمة الغزو الأمريكي للعراق‏.‏

وكان النظام العربي في حاجة إلي علاقة تتميز بحد أدني من الانسجام بين هذه الدول الثلاث في الوقت الذي تحول الحكم العراقي السابق إلي عامل تهديد رئيسي حمل خطر تفكيك هذا النظام سواء عبر سياساته المغامرة أو من خلال التدخل الأجنبي الكثيف الذي ترتب علي هذه السياسات‏.‏

أما وأن منطقة قلب النظام العربي‏,‏ أخذت في التفكك‏,‏ فقد وجب التساؤل عن إمكانات تماسك نظام يتفكك قلبه‏,‏ بينما تدب الفوضي في أطرافه من العراق إلي السودان والصومال‏,‏ ويقل كل يوم ما يجمع بين مشرقه ومغربه‏.‏

غير أن التهديد الذي يواجه النظام العربي اليوم لا يقتصر علي تفكك قلبه‏.‏ ولذلك فإذا قبلنا التقدير الذي يقلل من خطر هذا التفكك‏,‏ علي أساس أن النظام العربي سيقدر إما علي ترميم التصدع في قلبه الثلاثي هذا أو علي إيجاد قلب جديد له‏,‏ فهذا لا يكفي لدرء الخطر‏.‏ فالتفكك في القلب يقترن‏,‏ هذه المرة‏,‏ بتصدع القضية المركزية للنظام العربي نتيجة الانقسام الفلسطيني الذي بدأ سياسيا أيديولوجيا وانتهي جغرافيا في صورة‏'‏ كانتونين‏'‏ علي ما بقي من أرض كان مفترضا أن تقام عليها دولة فلسطين‏.‏ وحين يقترن الانقسام في منطقة القلب بالنسبة إلي النظام العربي بتصدع قضيته المركزية‏,‏ وتحولها يوما بعد يوم إلي عنصر من عناصر الصراع الأمريكي‏-‏ الإيراني علي المنطقة‏,‏ تصبح الاستهانة بما ينتظر هذا النظام خطرا في حد ذاتها‏.‏

لقد عبر النظام العربي أزمات عاتية بالفعل‏.‏ ولكن هذه الأزمات أنهكته واحدة بعد الأخري‏,‏ وأضعفت قدرته علي الصمود يوما بعد يوم‏.‏ فلم تعد هذه القدرة اليوم مثلما كانت عليه أيام الصراع المصري‏-‏ السعودي و‏'‏الحرب الباردة العربية‏',‏ ولا في مرحلة كامب ديفيد وعزل مصر‏,‏ ولا إبان أزمة الغزو العراقي للكويت‏.‏ فالنظام العربي اليوم في حالة إنهاك‏.‏ لم تعد مناعته بالقوة التي كانت عليها‏.‏ وما كان للخلاف الذي حدث في الاجتماع الطارئ الأخير لوزراء الخارجية العرب في‏30‏ يوليو الماضي أن يقود إلي خروج المندوب السوري ليشن هجوما عنيفا علي دول عربية أخري إلا لهشاشة وضع النظام العربي بعد ما لحق به من أمراض وفي ظل ما ينتظره من محن‏.‏ وحتي قضية فلسطين‏,‏ التي كانت تمثل ملجأ لبناء تضامن حقيقي في بعض الأحيان وشكلي في معظم الأحوال‏,‏ صارت عاملا من عوامل تغذية التفكك الذي يسري من قلب النظام العربي إلي أوصاله هنا وهناك‏.‏ وليس عجز هذا النظام عن إنقاذ قضية فلسطين‏,‏ أو ما بقي منها‏,‏ إلا نتيجة الوهن الذي دب فيه واقترب من أن يتمكن منه‏.‏ فلا يتوفر مؤشر واحد اليوم علي أن لدي النظام العربي خطة إنقاذ أو حتي رؤية للحد من التدهور المتزايد بين قطاع غزة والضفة الغربية‏,‏ وفي كل منهما‏,‏ والذي ينذر بتكريس الانفصال الذي يدق المسمار الأخير في نعش القضية المركزية‏,‏ أو التي كانت كذلك‏,‏ للعرب ونظامهم الإقليمي الرسمي‏.‏ فالمناضلون والمجاهدون ضد الاحتلال لا يعرفون اليوم نضالا ولا جهادا إلا ضد بعضهم البعض‏.‏ والتهديدات المتبادلة بينهم تنذر بمزيد من الخراب بينما النظام العربي‏,‏ أو الاتجاه الغالب فيه‏,‏ يراهن علي إحياء عملية السلام الفلسطينية‏-‏ الإسرائيلية بعد أن شبعت موتا‏.‏

ويعني ذلك أن النظام العربي يهرب من الواقع الأليم الذي عجز عن التعامل معه‏,‏ ويصم آذانه عن صيحات الثأر والانتقام التي تتعالي في‏'‏ الكانتونين‏'‏ الفلسطينيين‏.‏ فها هي مجموعات من‏'‏ كتائب شهداء الأقصي‏'‏ تقسم‏(‏ بالله وبدماء الشهداء‏)‏ بأنها ستقضي علي‏'‏ حركة حماس‏'‏ إذا استمرت في تصفية حركة‏'‏ فتح‏'‏ في قطاع غزة‏.‏

أما‏'‏ حركة حماس‏',‏ وجناحها العسكري‏,‏ فهما لا يوفران تهديداتهما التي وصلت إلي حد التوعد بما أطلقا عليه‏(‏ غزة جديدة في رام الله‏).‏

وهكذا يتجه الفلسطينيون إلي تكريس الانفصال في أجواء شديدة التوتر بما يقود إلي تصفية القضية الكبري أو المركزية للنظام العربي‏,‏ في الوقت الذي ينذر تصاعد الصراع الأمريكي‏-‏ الإيراني بتهميش دور هذا النظام في تحديد مستقبل المنطقة‏.‏ ففي ظل تفكك قلب النظام العربي‏,‏ صار صعبا بناء مشروع عروبي ينافس المشروعين الأمريكي‏(‏ الشرق الأوسط الكبير‏)‏ والإيراني‏(‏ الشرق الأوسط الإسلامي الممانع‏),‏ الأمر الذي يزيد احتمال تهميش النظام العربي في الصراع علي مستقبل المنطقة‏,.‏

ومن شأن هذا التهميش أن يؤدي بالتالي إلي تسارع عملية تفكك النظام العربي في الوقت الذي يخشي أن يعاد صوغ المنطقة في ضوء نتائج الصراع الأمريكي‏-‏ الإيراني‏.‏

وليدالحسني
مدير عام
مدير عام

عدد الرسائل : 396
العمر : 37
الموقع : www.alhasny.mam9.com
العمل/الترفيه : المسابقات
المزاج : رائق
تاريخ التسجيل : 28/08/2007

https://alhasny.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى