منتدى الشــامل للمعلومات العامة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التاريخ يحمي حقوقها السياسية

اذهب الى الأسفل

التاريخ يحمي حقوقها السياسية Empty التاريخ يحمي حقوقها السياسية

مُساهمة من طرف وليدالحسني الأربعاء 14 نوفمبر 2007 - 8:52

نود بادئ ذي بدء أن نلقي المزيد من الأضواء على المرأة عامة في التاريخ البشري ومراحل التطور التاريخي والسياسي والاجتماعي الذي طرأ على أحوالها وكينونتها حتى نتمكن من فهم طبيعة العوامل التي تتحكم في سير الظاهرة، فالتعرف الى المرأة في الأطوار الأولى في التاريخ خذ مثلا في الإغريق لم يكن لها أي دور على الصعيد السياسي والاقتصادي بمفهومه السائد اليوم، بل كانت المرأة أشبه بالمتاع تتداوله الأيدي وأمراء القصور فضلا عن أنها لم تكن تتمتع بأي استقلالية في إدارة شؤونها إذ لم يكن لها يوم ذاك أي دور يعتد به في مسيرة المجتمع، ولهذا نجد أن أعلام الأمة الإغريقية وفلاسفتها ومشرعيها كسقراط وأفلاطون وأرسطو وصولون وغيرهم لم يكونوا يرون في المرأة أي قابلية عقلانية، ولهذا حرموها من حقوقها السياسية والفكرية وعدوها مجرد آلة صماء متحركة هي والعبيد ووسائل الزراعة والصناعة الأخرى، ولعل هذا من أعجب الأعاجيب لا سيما عند هؤلاء المفكرين الأفذاذ الذين فطنوا الى حقائق المجتمع وحقائق الحياة والحقائق الأخرى التي انبثقت من القانون الطبيعي العام، هذا على الإجمال نمط الفكر السائد في المجتمع الإغريقي·

ولو عطفنا على المجتمع الهندي الذي يعد من أعرق المجتمعات التي مارست قضايا الإنسان والفلسفة والمجتمع فبلمحة خاطفة الى كتب الهندوس المقدسة التي تسمى لفيدا ترى ذلك التصنيف الغريب بطبيعة النساء والرجال وكيف أن المرأة هي محض شيطان تجسد في صورة أنثى، وحسبنا أن نعلم أن ظاهرة السوتى (وهي إحراق الأرملة مع زوجها المتوفى للدلالة على إخلاصها) تكفي دليلا وشاهدا على امتهان هذه الأمة بحقوق المرأة بل تعدها من أرخص الأشياء وأهونها، ولا بأس في هذا الصدد أن نلقي ببصرنا على الرومان وكيف كانوا ينظرون الى المرأة بأنها العنصر الثابت التي تستخدم في مهرجاناتهم وأعيادهم وطقوسهم وكيف أن التركيز كان على المرأة لا كذات ولا عواق ولا مشاعر بل مجرد جسد تسكنه الشهوة وتلفه الخطيئة من أبعادها، بل هي الأداة الأولى والأخيرة التي تمثل مهرجاناتهم الصاخبة وفنونهم الماجنة·

أما لو رمينا بصرنا الى المجتمع العربي الجاهلي وكيف كانوا يعاملون المرأة بوصفها مجرد حجر صماء أو جسد خاو من أي عاطفة أو حس أو عقل، فظاهرة الوأد التي كانت تشيع في المجتمع العربي تكشف عن مدى هوان المرأة ورخصها وقلة شأنها وكان ذلك يتم مخافة الفقر والخزي والعار هذا ونلمح الى ظاهرة العضل (أي المنع) وهي أن المرأة بمجرد أن تترمل كان يرثها الأقرب الى الزوج ويرمي بردائه عليها فيمنعها من كل حقوقها وخاصة الزواج ولا نريد أن نستطرد المزيد من المشكلات والتبعات والأسوأ التي كانت تسود المجتمع العربي وحينما انبثقت أنوار الإسلام ارتفع بالمرأة من الحضيض الى الذروة وأعطاها جميع حقوقها واعترف ببشريتها ومنحها تمام الحق في البيع والشراء والوكالة والإيجارة والتجارة والنقض والإبرام ابتداء من حقها في أن تتزوج من تريد الى حقها في ممارسة النشاط الاقتصادي ونحوه، ويكفي أن نعلم أن أم المؤمنين خديجة كانت أول تاجرة في الإسلام وهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وأوكلته في إدارة أعمالها التجارية وهذا أكبر دليل شاخص على الإرادة المستقلة التي تمتلكها المرأة في ظلال الإسلام، وبعد هذا وذاك وبعد أن تداول الأمة ملوك وسلاطين وأمراء كاد يغلب عليهم طابع الاستبداد والهيمنة ولعبوا دورا كبيرا في تزوير الكثير من المفاهيم الحضارية للدين الإسلامي فتداولها حكام كل همهم تمديد سلطانهم وبقائهم في الحكم ولو على مصلحة المسلمين السياسية والفكرية والمدنية فخاصت الأمة خلال الأربعة القرون المنصرمة في ظلمات وجهل وسلبية وتخلف وجمود أرجع الأمة إلى ما يشبه الأوضاع التي كانت تعيشها في جاهليتها الأولى، ومهما يكن من أمر فإن للمرأة كامل الحقوق التي للرجل فلا فرق بينهما إلا ما فرقته الطبيعة وعلى ضوء هذه الإلمامة العجلى لا بأس أن نستطرد القول الى تاريخ وأوضاع المرأة في العصور الحديثة·

إن ما نراه اليوم في المجتمعات الأوروبية والغربية من استقلالية ونمو للمرأة وحقوقها لم يأت جزافاً بل عبر النضال الذي شاركت به النساء مع الآلاف من الرجال لنيل حقوقهن وتغيير نظرة الرجل الى المرأة بل نظرت النخبة الحاكمة والمتنفذة إليها الى أن استطاعت المرأة في الغرب أن تؤسس هيئات ومنظمات للمطالبة بحقوقها السياسية والاجتماعية الى أن استطاعت أن تحوز على حقوقها السياسية في بادئ الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1920 الى أن أعقبه ببضع سنين نيل المرأة البريطانية حقوقها السياسية وكل هذا يعد حديثا وخاصة في مجتمعات تدعي العلمانية والليبرالية ويكفينا أن نعلم أن المرأة في سويسرا والسويد قد منحت حقوقها السياسية في العقد السابع من القرن المنصرم، ولهذا يجب على المرأة العربية وخصوصا الكويتية أن تطالب وتتحرك وتبادر الى جمع طاقاتها المبعثرة وتوزيع أدوارها وتنشيط عملها على شتى الأصعدة لتحوز على مطالبها وحقوقها وخاصة بعد أن لعبت الدور الفاعل والكبير في الصمود ومقاومة المحتل، في ذلك الوقت قدمت العشرات من الضحايا في تصديهن للمحتل، ولا يخفى على ذي بصيرة وإنصاف أن المرأة الكويتية لعبت أدواراً كثيرة في التنظيم والإدارة وتحفيزها الرجال للعمل ضد المحتل البعثي، ولعل ما يقوم شاهدا في هذا الصدد هو عشرات الشهيدات والمرتهنات اللاتي رفضن الانصياع لإدارة المحتل البغيض·

إن المرأة الكويتية من خلال الثلاثة عقود الماضية استطاعت أن تحصل على الفرص التي تدفعها لبناء ذاتها عبر التعليم والثقافة وخوض الحياة· أقول استطاعت المرأة أن تتخصص في عشرات التخصصات وأثبتت كفاءة نادرة في الكثير من الحقول في القدرة على التنظيم والقدرة على التفكير والتعبير والقدرة على الإدارة سواء على الصعيد الحكومي أو الأهلي ولا ينبغي دور المرأة الكويتية التي ناضلت في الخارج أثناء الاحتلال في مجالات الإعلام والصحافة بل الذهاب الى أرجاء العالم لطرح القضية الكويتية ومناقشتها والتدليل على مشروعيتها وقانونيتها·

وأيا كان الأمر فإننا نطالب الحركة النسائية في الكويت بأن تنشط على مستوى التنظيم والاستقطاب وتنظيم الخطوات وإقامة المئات من الندوات والمحاضرات وأن تسهم الكاتبات منهن في طرح هذه القضية بالعقلانية والموضوعية ومزاحمة التيارات الكلاسيكية المحافظة التي لا تريد للمرأة أي خير بل تريد إرجاعها الى القرون الوسطى وإلغاء شخصيتها والهيمنة وعليها ومسخ خصائصها المبدعة·

إن المرأة الكويتية كما الرجل قد عانت الويلات والأزمات وعركت الحياة وخبرت حلاوتها ومرارتها ووقفت على شرورها وحسناتها لجديرة بأن تنهض من رقدتها وتطرد الأفكار المظلمة من رأسها وأن تقف بالمرصاد لكل من يحاول أن يرجعها الى عصر الظلام·

ولعله من الواجب أن تقف ساعة لتناقش المسألة أي مسأله حقوق المرأة من زاوية الشريعة والإسلام، إن أكثر التيارات والقوى الإسلامية لتزعم بأن المرأة من حيث كونها امرأة لا يحق لها بحال أن تتولى أي منصب يغلب عليه طابع الإدارة واتخاذ القرار وإصدار الأوامر، هذا فضلاً على أن المرأة لايحق لها أن تصبح نائبة في البرلمان ومجلس التشريع وهيئات القضاء، ذلك أن هذا الشيء هو جزء من الولاية ومن قضايا الحكم التي لايحق للمرأة أن تتصدى لها وتضطلع بمهامها وتقوم بأعبائها لأن الولاية أو الأمانة أي الرئاسة لا تكون إلا للرجل من حيث هو رجل وكفى· إن في هذا الطرح كثيراً من اللغط والخطأ والتخليط·

أولاً: لأن هذا الطرح يستشهد بقول النبي (ص) "لاخير في قوم ولوا أمرهم امرأة" يجب أن نقول إن هذا الحديث قاله النبي (ص) حينما وردت الأخبار من بلاد فارس بموت كسرى وقيام ابنته مكانه، فالحديث منصرف إلى حادثة محددة ووقت مخصوص ولايفيد كل زمان ومكان، ذلك أن الفرس وغير الفرس من الأمم المعاصرة لم تكن قد مارست المرأة شؤون الحكم فيها، فلا شك أن المرأة كانت لا تلمُّ بمسائل الحكم وقضايا السياسة وهذا يجعل الإنسان يقول بأنها حتما أو إلى حدٍ بعيد ستفشل في مسائل الحكم والسياسة، وهذا بالضبط ما وقع لابنته كسرى التي لا يخفى على المختصين بالفقه الإسلامي أن أحاديث النبي (ص) فيها المطلق والمفيد والعام والخالص والناسخ والمنسوخ والمجمل والمبين إلى غير ذلك، وإلا إذا صح أن هذا الحديث يفيد كل زمان ومكان وكل المجتمعات فكيف نفسر النجاح الباهر الذي حققته السيدة تاتشر على صعيد الإدارة والإصلاح الاقتصادي وتطوير المجتمع الإنجليزي، لا سيما أنها استطاعت وبقدرة فذّة على تأصيل وإنجاح ونقل الملكية من الدولة إلى القطاع الخاص وتكريس مجتمع الرفاه في الأمة البريطانية عبر استثمار إيرادات نفط بحر الشمال في هذا المجال·

إن المرأة في المجتمعات العالمية حققت نجاحات عديدة في مجالات متنوعة لا سيما على صعيد الحكم والسياسة، بل إنه ليبدو ملفتاً للنظر أن مجتمعاً شرقياً إسلامياً كلاسيكياً كباكستان وتنتشر به العشرات من الحركات الأصولية المتطرفة أن تنجح امرأة كبيناظير بوتو في الوصول إلى سدّة الحكم·

إن ظاهرة المرأة الحاكمة ليس أمراً غريباً في المجتمعات القديمة والحديثة فالتاريخ يخبرنا بأن الكثير من النساء كنّ يحكمن قومهن، خذ مثلاً الملكة بلقيس ملكة اليمن القديمة وقد أشاد القرآن الكريم ببصيرتها وعدلها وحكمتها، وكذلك الملكة كيلوبترا في مصر القديمة وكذلك شجرة الدّر التي حكمت مصر في القرون الوسطى ونجحت أيما نجاح في ذلك، وقبل سبعمئة عام حكمت دلهي سيدة فاضلة هي الملكة الرضية امتد حكمها أربع سنوات· ولعل من الطريف الإشارة إلى أن شبه القارة الهندية قد عرفت حكم المرأة قبل هذه العقود الأخيرة وقبل أن تصل أنديرا غاندي وبناظير بوتو إلى رئاسة الحكومة· هذا ومن المفيد الإشارة إليه أن ليس ثمة برهان حاسم على أن الشريعة والإسلام يحرمان تولي المرأة مثل هذه المهام·

إن المجتمع الكويتي رجالاً ونساءً ينبغي أن نعلم أن النساء فيه %50 فكيف يراد بهذا الجزء الأكبر منه أن يجمد ويشل، والخلاصة أن المرأة الكويتية أثبتت قديماً وحديثاً وخصوصاً أثناء الاحتلال وبعده القدرة والكفاءة وخاصة أن التطور التاريخي والمجتمعي قد زود المرأة الكويتية بالكثير من المزايا والمؤهلات التي لا تقل عن الرجل، وأنها اليوم تشارك الرجل في سائر المجالات في الطب والتعليم والجامعة والإدارة وإلى مناصب عليا كسفيرة ووكيلة ومن المفترض أن تكمل الحكومة كوزيرة خلال هذه الأيام لدعم المرأة قبل التصويت وقبل أن تصيبها سهام أبو رمية ومن على شاكلته في المجلس·

إن على الحركات النسائية أن تحشد الصفوف وتستقطب فئة المثقفين وأن تدعو للمؤتمرات الصحافية وأن تتحرك لتصل إلى القوى السياسية لتقنعها بأطروحاتها وأن تقتحم الوسائل الإعلامية البصرية والسمعية والمقروءة لتصل بأطروحاتها إلى كل مواطن وبيت، ولتعلم أيضاً أن التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي ينبغي أن يسبق بتغيير المواطن وعقليته وطريقة تفكيره وأسلوبه في الحياة، فعلى المثقفات من الشخصيات النسائية المعروفة والجمعيات النسائية أن يستثمرن تحرك الشيخة أمثال الأحمد ود· رشا الصباح في دعم حقوقهن السياسية والنيل منها·

إن المرأة هي صانعة الأجيال مربية الناشئة، ومن أعجب العجب أن الرجال كيف ائتمنوها على صياغة عقول الأبناء وزراعة المفاهيم فيهم وهي أخطر مهمة على الإطلاق ولم يأتمنوها على مجالات الحياة الأخرى·

وليدالحسني
مدير عام
مدير عام

عدد الرسائل : 396
العمر : 37
الموقع : www.alhasny.mam9.com
العمل/الترفيه : المسابقات
المزاج : رائق
تاريخ التسجيل : 28/08/2007

https://alhasny.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى