تحليلات عربية و دولية
صفحة 1 من اصل 1
تحليلات عربية و دولية
عادت شركات توظيف الأموال للظهور مجددا بصور مختلفة وتلقي النائب العام في العام الماضي عددا كبيرا من البلاغات من نحو ثلاثة آلاف مودع بلغ مجموع إيداعاتهم قرابة300 مليون جنيه, وقعوا ضحية لهذه الشركات التي تحترف العمل خارج القانون والنصب علي من يودع أمواله لديها. ويتصور البعض أن الطمع في العوائد الأعلي التي توهم هذه الشركات ضحاياها بأنها ستقدمها لهم, هو السبب الوحيد في توجه بعض المواطنين بمدخراتهم إليها, وهو تصور غير صحيح, لأن هناك العديد من العوامل التي ربما تكون أكثر أهمية, تتعلق بضعف وضحالة الثقافة الاستثمارية, وتتعلق بكفاءة الجهاز المصرفي ومدي تنوع الأوعية الادخارية التي يقدمها للمدخرين. كما تتعلق أيضا بسياسة سعر الفائدة التي ربما تعد السبب الأكثر أهمية في تحديد جاذبية الادخار في الجهاز المصرفي بالمقارنة مع شركات توظيف الأموال.
والحقيقة أن سعر الفائدة في مصر في الوقت الراهن يقل عن معدل التضخم, بما يعني عمليا أن الأموال التي يتم إيداعها في الجهاز المصرفي تفقد جزءا من قدرتها الشرائية ولا تتزايد قيمتها الحقيقية بل تتراجع مع مرور الزمن. وعندما يكون سعر الفائدة سلبيا علي هذا النحو, فإنه يشكل عنصرا منفردا من الادخار في الجهاز المصرفي, وبالتالي يبدأ حائزو الأموال في التفكير في قنوات أخري للاستفادة من أموالهم. وفي ظل افتقاد صغار ومتوسطي وحتي بعض كبار المدخرين للخبرات في مجال الاستثمار المباشر في الاقتصاد العيني, فإن البحث يتوجه نحو من يستثمرها لهم, سواء في البورصة أو في شركات توظيف الأموال, أو يتم استخدامها في الاستثمار العقاري السهل نسبيا بما يشعل أسعار العقارات والأراضي. وللعلم فإن ظاهرة شركات توظيف الأموال القديمة التي ارتدت ثوبا دينيا, ظهرت وتوحشت حينما أصبح سعر الفائدة سلبيا خلال ثمانينيات القرن العشرين, وهو ما يؤكد أن هذه الفائدة السلبية أحد الأسباب المهمة لنشوء وتطور هذه الظاهرة الخطيرة.
وقد تعرضت تلك الشركات لهزة عنيفة عندما حدثت أزمة أسواق المال العالمية عام1987 وعندما تدهورت أسعار الذهب بشدة, حيث كانت تستثمر جزءا من الأموال المتاحة لها في الذهب وأسواق المال, فضلا عن الشبهات التي حامت حول ضلوعها في نشاطات الاقتصاد الأسود المتنوعة. وعلي أي الأحوال فإن تلك الشركات انهارت كأنها فقاعة هواء خلفت وراءها مدخرات ضائعة بمليارات الجنيهات وقضت علي جزء مهم من رصيد الطبقة الوسطي وبالذات الذين كانوا يعملون في الخارج.
وكانت معدلات التضخم المرتفعة قد تجاوزت سعر الفائدة وأدت إلي إفقاد المدخرات في الجهاز المصرفي لجانب كبير من قدراتها الشرائية, حيث كانت معدلات الفائدة في الفترة من1986 حتي عام1990, تقل كثيرا عن معدل التضخم السائد في مصر, بما يعني أن سعر الفائدة الحقيقي, كان سلبيا, حيث بلغ سعر الفائدة الأسمي13% خلال الفترة من عام1986 حتي عام1988, وارتفع إلي14% خلال عامي1990,1989, وبالمقابل بلغ معدل التضخم في أعوام1990,1989,1988,1987,1986 علي التوالي, نحو23.9%,19.7%,17.7%,21.3%,16.8% بالترتيب. وهذا يعني أن سعر الفائدة الحقيقي في مصر كان سلبيا وبلغ نحو-10.9%,-6.7%,-4.7%,-7.3%,-2.8% في أعوام1990,1989,1988,1987,1986 علي التوالي, وبالتالي فإن سياسة سعر الفائدة أوقعت أضرارا كبيرة بالمدخرين. وكان منطقيا أن تظهر شركات توظيف الأموال في تلك الظروف. وفي الوقت الحالي يبلغ سعر الفائدة نحو8%, بينما بلغ معدل التضخم في ديسمبر الماضي12.4%, وهو يراوح منذ ثمانية أشهر علي الأقل عند مستويات أعلي كثيرا من سعر الفائدة, بما يعني أن سعر الفائدة سلبي بصورة منفرة للادخار. وفي بلد مثل مصر, فإن رفع معدل الادخار يبدو مطلبا أساسيا لأي تخطيط للنهوض والتنمية الاقتصادية, حيث تحقق مصر مستوي متدنيا من الادخار الذي لا يزيد علي16.3% من الناتج المحلي الإجمالي عام2006/2005, مقارنة بنحو21% في المتوسط العالمي ونحو41% في البلدان سريعة النمو في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ.
وتعتمد السياسة النقدية الراهنة علي خفض سعر الفائدة بغرض إنعاش الاقتصاد المصري من خلال تشجيع رجال الأعمال علي الاقتراض بأسعار إقراض منخفضة, لتمويل بناء مشروعات جديدة تؤدي إلي زيادة الناتج وإيجاد فرص عمل جديدة. ورغم صحة هذه السياسة النقدية نظريا, إلا أن فعاليتها تتوقف علي قدرة الإدارة الاقتصادية علي السيطرة علي التضخم, وهي فشلت في ذلك فعليا كما تدل علي ذلك مؤشرات التضخم.
كما تتوقف فعالية هذه السياسة النقدية علي سلوك طبقة رجال الأعمال وكفاءة الجهاز المصرفي في إدارة عملية منح الائتمان. والحقيقة أن السلوك العملي لبعض رجال الأعمال المصريين في الوقت الراهن الذي يركز علي تحقيق الربح من خلال الاستيراد والتوزيع الداخلي لسلع منتجة في الخارج, أو تجميع مكونات مستوردة, أو عدم احترام المواصفات القياسية حتي في السلع المتعلقة بحياة البشر وصحتهم, أو الرغبة في الاستيلاء علي أموال البنوك والهروب بها للخارج.. هذا السلوك يفقد هذه السياسة النقدية جزءا مهما من فعاليتها الممكنة لو كانت هناك طبقة رجال أعمال من نوع مختلف. كذلك فإن محدودية كفاءة الجهاز المصرفي في إدارة الائتمان والتركيز علي الضمانات الورقية وليس متابعة وإنجاح المشروعات الممولة من البنوك, والتركيز علي شراء سندات وأذون الخزانة والاكتتاب في الشركات العامة والمشتركة, يحد من قدرة الجهاز المصرفي علي التوظيف الفعال للسياسة النقدية التوسعية المتمثلة في خفض أسعار الفائدة. وقد نتج عن انخفاض سعر الفائدة, وارتفاع معدل التضخم عنها, أن أصبح سعر الفائدة الحقيقي في مصر علي الودائع المصرفية, سلبيا, وهو مؤشر خطير يدفع المدخرين الذين يفتقدون للثقافة الاستثمارية إلي التخبط بين الاندفاع إلي مجال الاستثمار العقاري السهل نسبيا بما رفع أسعار الأراضي والعقارات بصورة مبالغ فيها للغاية عام2006, ويدفعهم أيضا إلي الاستثمار في البورصة دون خبرة ليكونوا نهبا لتحايل الكثير من شركات السمسرة التي تتواطأ لمصلحة مستثمرين مميزين علي حساب صغار ومتوسطي المستثمرين. كما عادت ظاهرة شركات توظيف الأموال للظهور بكل المخاطر التي تنطوي عليها والتي خبرتها مصر عبر الأزمة الكبري لشركات توظيف الأموال القديمة. وهذه الظاهرة لن يكون بالإمكان مواجهتها سوي بالالتزام بإبقاء سعر الفائدة موجبا وأعلي من معدل التضخم الحقيقي, بما يشجع علي الادخار في الجهاز المصرفي وعدم الانسياق وراء الأوهام التي تبيعها شركات توظيف الأموال التي ينبغي أن تقوم أجهزة الإعلام الرسمية بحملات لتوعية المواطنين بمخاطرها. كما أن مقاومة ظاهرة عودة شركات توظيف الأموال تتطلب تطوير الأوعية الاستثمارية المتاحة لدي صناديق الاستثمار في البنوك لتشجيع المواطنين علي استثمار أموالهم فيها, والتوسع في الإقراض الصغير المضمون بالمشروعات التي يمولها أكثر من الضمانات الورقية المعقدة لتشجيع المواطنين علي استثمار أموالهم بأنفسهم, ومكافحة التضخم كآلية تسمح بإبقاء سعر الفائدة إيجابيا طالما ظل أعلي من معدل التضخم.
والحقيقة أن سعر الفائدة في مصر في الوقت الراهن يقل عن معدل التضخم, بما يعني عمليا أن الأموال التي يتم إيداعها في الجهاز المصرفي تفقد جزءا من قدرتها الشرائية ولا تتزايد قيمتها الحقيقية بل تتراجع مع مرور الزمن. وعندما يكون سعر الفائدة سلبيا علي هذا النحو, فإنه يشكل عنصرا منفردا من الادخار في الجهاز المصرفي, وبالتالي يبدأ حائزو الأموال في التفكير في قنوات أخري للاستفادة من أموالهم. وفي ظل افتقاد صغار ومتوسطي وحتي بعض كبار المدخرين للخبرات في مجال الاستثمار المباشر في الاقتصاد العيني, فإن البحث يتوجه نحو من يستثمرها لهم, سواء في البورصة أو في شركات توظيف الأموال, أو يتم استخدامها في الاستثمار العقاري السهل نسبيا بما يشعل أسعار العقارات والأراضي. وللعلم فإن ظاهرة شركات توظيف الأموال القديمة التي ارتدت ثوبا دينيا, ظهرت وتوحشت حينما أصبح سعر الفائدة سلبيا خلال ثمانينيات القرن العشرين, وهو ما يؤكد أن هذه الفائدة السلبية أحد الأسباب المهمة لنشوء وتطور هذه الظاهرة الخطيرة.
وقد تعرضت تلك الشركات لهزة عنيفة عندما حدثت أزمة أسواق المال العالمية عام1987 وعندما تدهورت أسعار الذهب بشدة, حيث كانت تستثمر جزءا من الأموال المتاحة لها في الذهب وأسواق المال, فضلا عن الشبهات التي حامت حول ضلوعها في نشاطات الاقتصاد الأسود المتنوعة. وعلي أي الأحوال فإن تلك الشركات انهارت كأنها فقاعة هواء خلفت وراءها مدخرات ضائعة بمليارات الجنيهات وقضت علي جزء مهم من رصيد الطبقة الوسطي وبالذات الذين كانوا يعملون في الخارج.
وكانت معدلات التضخم المرتفعة قد تجاوزت سعر الفائدة وأدت إلي إفقاد المدخرات في الجهاز المصرفي لجانب كبير من قدراتها الشرائية, حيث كانت معدلات الفائدة في الفترة من1986 حتي عام1990, تقل كثيرا عن معدل التضخم السائد في مصر, بما يعني أن سعر الفائدة الحقيقي, كان سلبيا, حيث بلغ سعر الفائدة الأسمي13% خلال الفترة من عام1986 حتي عام1988, وارتفع إلي14% خلال عامي1990,1989, وبالمقابل بلغ معدل التضخم في أعوام1990,1989,1988,1987,1986 علي التوالي, نحو23.9%,19.7%,17.7%,21.3%,16.8% بالترتيب. وهذا يعني أن سعر الفائدة الحقيقي في مصر كان سلبيا وبلغ نحو-10.9%,-6.7%,-4.7%,-7.3%,-2.8% في أعوام1990,1989,1988,1987,1986 علي التوالي, وبالتالي فإن سياسة سعر الفائدة أوقعت أضرارا كبيرة بالمدخرين. وكان منطقيا أن تظهر شركات توظيف الأموال في تلك الظروف. وفي الوقت الحالي يبلغ سعر الفائدة نحو8%, بينما بلغ معدل التضخم في ديسمبر الماضي12.4%, وهو يراوح منذ ثمانية أشهر علي الأقل عند مستويات أعلي كثيرا من سعر الفائدة, بما يعني أن سعر الفائدة سلبي بصورة منفرة للادخار. وفي بلد مثل مصر, فإن رفع معدل الادخار يبدو مطلبا أساسيا لأي تخطيط للنهوض والتنمية الاقتصادية, حيث تحقق مصر مستوي متدنيا من الادخار الذي لا يزيد علي16.3% من الناتج المحلي الإجمالي عام2006/2005, مقارنة بنحو21% في المتوسط العالمي ونحو41% في البلدان سريعة النمو في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ.
وتعتمد السياسة النقدية الراهنة علي خفض سعر الفائدة بغرض إنعاش الاقتصاد المصري من خلال تشجيع رجال الأعمال علي الاقتراض بأسعار إقراض منخفضة, لتمويل بناء مشروعات جديدة تؤدي إلي زيادة الناتج وإيجاد فرص عمل جديدة. ورغم صحة هذه السياسة النقدية نظريا, إلا أن فعاليتها تتوقف علي قدرة الإدارة الاقتصادية علي السيطرة علي التضخم, وهي فشلت في ذلك فعليا كما تدل علي ذلك مؤشرات التضخم.
كما تتوقف فعالية هذه السياسة النقدية علي سلوك طبقة رجال الأعمال وكفاءة الجهاز المصرفي في إدارة عملية منح الائتمان. والحقيقة أن السلوك العملي لبعض رجال الأعمال المصريين في الوقت الراهن الذي يركز علي تحقيق الربح من خلال الاستيراد والتوزيع الداخلي لسلع منتجة في الخارج, أو تجميع مكونات مستوردة, أو عدم احترام المواصفات القياسية حتي في السلع المتعلقة بحياة البشر وصحتهم, أو الرغبة في الاستيلاء علي أموال البنوك والهروب بها للخارج.. هذا السلوك يفقد هذه السياسة النقدية جزءا مهما من فعاليتها الممكنة لو كانت هناك طبقة رجال أعمال من نوع مختلف. كذلك فإن محدودية كفاءة الجهاز المصرفي في إدارة الائتمان والتركيز علي الضمانات الورقية وليس متابعة وإنجاح المشروعات الممولة من البنوك, والتركيز علي شراء سندات وأذون الخزانة والاكتتاب في الشركات العامة والمشتركة, يحد من قدرة الجهاز المصرفي علي التوظيف الفعال للسياسة النقدية التوسعية المتمثلة في خفض أسعار الفائدة. وقد نتج عن انخفاض سعر الفائدة, وارتفاع معدل التضخم عنها, أن أصبح سعر الفائدة الحقيقي في مصر علي الودائع المصرفية, سلبيا, وهو مؤشر خطير يدفع المدخرين الذين يفتقدون للثقافة الاستثمارية إلي التخبط بين الاندفاع إلي مجال الاستثمار العقاري السهل نسبيا بما رفع أسعار الأراضي والعقارات بصورة مبالغ فيها للغاية عام2006, ويدفعهم أيضا إلي الاستثمار في البورصة دون خبرة ليكونوا نهبا لتحايل الكثير من شركات السمسرة التي تتواطأ لمصلحة مستثمرين مميزين علي حساب صغار ومتوسطي المستثمرين. كما عادت ظاهرة شركات توظيف الأموال للظهور بكل المخاطر التي تنطوي عليها والتي خبرتها مصر عبر الأزمة الكبري لشركات توظيف الأموال القديمة. وهذه الظاهرة لن يكون بالإمكان مواجهتها سوي بالالتزام بإبقاء سعر الفائدة موجبا وأعلي من معدل التضخم الحقيقي, بما يشجع علي الادخار في الجهاز المصرفي وعدم الانسياق وراء الأوهام التي تبيعها شركات توظيف الأموال التي ينبغي أن تقوم أجهزة الإعلام الرسمية بحملات لتوعية المواطنين بمخاطرها. كما أن مقاومة ظاهرة عودة شركات توظيف الأموال تتطلب تطوير الأوعية الاستثمارية المتاحة لدي صناديق الاستثمار في البنوك لتشجيع المواطنين علي استثمار أموالهم فيها, والتوسع في الإقراض الصغير المضمون بالمشروعات التي يمولها أكثر من الضمانات الورقية المعقدة لتشجيع المواطنين علي استثمار أموالهم بأنفسهم, ومكافحة التضخم كآلية تسمح بإبقاء سعر الفائدة إيجابيا طالما ظل أعلي من معدل التضخم.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى