منتدى الشــامل للمعلومات العامة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بحث كامل عن الاخلاق

اذهب الى الأسفل

بحث كامل عن الاخلاق Empty بحث كامل عن الاخلاق

مُساهمة من طرف وليدالحسني الجمعة 28 فبراير 2014 - 23:22

المقدمة :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد ، وعلى آلة ، وصحبة أجمعين . وبعد :

فإن للأخلاق اهمية بالغة لما لها من تأثير كبير في حياة الإفراد والجماعات والأمم ، ولهذا فقد حفل القرآن الكريم بها واعتنى بها أيما عناية ، فقد بينت سور القرآن الكريم وآياته أسس الأخلاق ومكارمها ، وكذلك اعتنت السنة النبوية بالأخلاق والمعاملات عناية فاقت كل التصورات ، فقد عد بعض العادين – فيما وقع لهم – أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجودوها ستين الف حديث عشرون منها في العقائد ، وأربعون في الأخلاق والمعاملات ، وهذا بلا شك دليل على عناية السنة بالأخلاق كعناية القرآن الكريم بها . فقد قال تعالى : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) (القلم 4) يمتدح الله تعالة نبيه بحسن الخلق تاره ، ويامره بمكارم الأخلاق ومحاسنها تارةأخرى ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) ( الأعراف 199) .
أهمية الأخلاق :
1- للأخلاق أهمية بالغة باعتبارها من أفضل العلوم وأشرفها واعلاها قدراً ، لذلك نجد بعض العلماء عندما يتحدث عن بيان قيمة علم الاخلاق بالنسبة الى العلوم الأخرى يقول بعضهم : إنه إكليل العلوم جميعاً ، ومنهم من يقول : إنه تاج العلوم ، ومنهم من يقول : إنه زبدة العلوم . ذلك أن العلوم الأخرى تساعد أساساً على الأخلاق في الكشف عن النافع والضار ، والخير واشر وهما موضوع الأخلاق ، فتعتبر تلك العلوم وسائل معينة لتحقيق هذا العلم . كما أن علم الأخلاق يستخدم العلوم الأخرى في الكشف عن مهمته وتحقيق أهدافه.
2- إن السلوكيات الأخلاقية وآدابها هي التي تميز سلوك الإنسان عن سلوك البهائم في تحقيق حاجاته الطبيعية ، أو في علاقاته مع غيره من الكائنات الأخرى ، فالأداب الأخلاقية في كل المعاملات وقضاء الحاجات الإنسانية زينة الإنسان وحليته الجميلة ، وبقدر ما يتحلى بها الإنسان يضفي على نفسه جمالاً وبهاءً ، وقيمةإنسانية .
ولا شك أن سلوك السلوك الأخلاقي دليل علىما في نفس الإنسان من خير ، وصلاح اخلاقه دليل على صلاح سريرته والعكس صحيح ، فسلوك الإنسان موافق لما هو مستقر في نفسه من معان وصفات ، يقول الامام الغزالي " فإن كل صفة تظهر في القلب يظهر أثرها على الجوارح لا تتحرك إلا على وفقها لا محالة " .
3- إن هدف الأخلاق تحقيق السعادة في الحياة الفردية والجماعية . ذلك أن الحياة الأخلاقية هي الحياة الخيره البعيدة عن الشرور بجميع أنواعها وصورها ، فإذا انتشرت الأخلاق انتشر الخير والأمن والأمان الفردي والجماعي ، فتنتشر الثقة المتبادلة والألفة والمحبة بين الناس واذا غابت انتشرت الشرور وزادت العداوة والبغضاء ، وتناصر الناس من أجل المناصب ، والمادة ، والشهوات . فلابد من القيم الأخلاقية الضابطه لهذه النوازع والا كثرت الشرور التي هي سبب التعاسة والشقاء في حياة الأفراد والجماعات ولهذا قال أحد الأخلاقيين الفرنسيين : إن الحياة من غير قيم – وان كانت حلوة على الشفاه – فإنها مرة على القلوب والنفوس .

4- إنها وسيلة لنجاح الإنسان في الحياة :
فالانسان الشرير المعتدى على أموال الناس وانفسهم وأعراضهم ، لايمكن أن يكون محبوباً بين الناس ، فلا يثقون به ، ولا يتعاملون معه، ثم إن الغشاش لابد أن ينكشف يوماً من الأيام فيظهر غشة وخداعه إن عاجلاً وإن آجلاً . وقد قال الشاعر :
ومهما يكن عند امرء من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
فإذا انكشف غشه وخداعه لا شك أنه معاقب بعدم التعامل معه إن كان تاجراً ، أوبعزلة من وظيفته ابن كان موظفاً وهكذا .
5- أنها وسيلة للنهوض بالأمة :
" ذلك أن التأريخ يخبرنا أن سقوط كثير من الأمم والحضارات كان بسبب انهيار الأخلاق كما قرر ذلك ان خلدون وغيره .
و قد سئل أحد وزراء اليابان ما سر تقدم اليابان هذا التقدم ؟ فقال الوزير: " السر يرجع إلى تربيتنا الأخلاقية .. "
" ولهذا كان النهج السديد في اصلاح الناس وتقويم سلوكهم وتيسير سبل الحياة الطيبة لهم أن يبدأ المصلحون باصلاح النفوس وتزكيتها وغرس معاني الأخلاق الجيدة فيها ولهذا اكد الإسلام على صلاح النفوس وبيّن أن تغير أحوال الناس من سعادة وشقاء ، ويسر وعسر ، ورخاء وضيق ، وطمأنينة وقلق ، وعز وذل كل ذلك ونحوه تبع لتغير ما بأنفسهم من معان وصفات" .
المحور الأول : تعريفات ومفاهيم :
قبل الحديث عن أخلاق العمل من منظور إسلامي يحسن بنا أن نعرج على بعض المعاني اللغوية ، والمفاهيم الاصطلاحية عساها أن تسعفنا ببعض الإضاءات الكاشفة عند ولوج أبواب الحديث عن هذا الموضوع المهم ، لذا سنعّرف الأخلاق في اللغة والاصطلاح ، ثم نتعرف إلى مفهوم العمل من خلال المنظور الإسلامي تمهيداً للحديث عن اخلاقه التي هي الهدف من هذا البحث .
أولاً : معنى الأخلاق في اللغة :
إن الناظر في كتب اللغة بجد أن كلمة أخلاق تطلق ويراد بها : الطبع والسجية ، والمروأة والدين. وحول هذه المعاني يقول الفيروزابادى " الخُلْقُ بالضم وضمتين السجية والطبع والمروأة والدين" ويقول ابن منظور : " الخُلُقُ والخُلْقُ السجية .. فهو بضم الخاء وسكونها الدين والطبع والسجية "
ثم يفسر ابن منظور ذلك بقوله " وحقيقته ، أي الخلق ، أنه لصورة الإنسان الباطنة ، وهي نفسه ، وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخَلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ولهما أوصاف حسنة وقبيحة "
وفي هذا المعنى يقول الراغب الأصفهاني " الُخْلقُ في الأصل شيء وآحد كالشّرب والشُّرب والصَّرْمِ والصَّرْمِ لكن خص الخَلْقُ بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر ، وخُص الخُلْقُ بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة . قال تعالى ( وإنك لعلى خُلق عظيم ).
وقرىء : إن هذا إلاخَلْقُ الأولين ، والخلاق ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخُلُقِه قال تعالى ( وماله في الأخرة من خلاق ) (البقرة 200) وفلان خليق بكذا : أي كأنه مخلوق فيه ذلك كقولك مجبول على كذا ، أو مدعو اليه من جهة الخَلْقِ .. )
ومن خلال هذا العرض اللغوي يمكن ملاحظة ثلاثة أمور هي :
1- الخُلُق يدل على الصفات الطبيعية في خلقة الإنسان الفطرية على هيئة مستقيمة متناسقة .
2- تدل الأخلاق علىالصفات المكتسبة حتى اصبحت كأنها خلقت فيه فهي جزء من طبعه .
3- أن للأخلاق جانبين : جانب نفسي باطني ، وجانب سلوكي ظاهري .
ثانياً : الأخلاق في الاصطلاح :
عرف العلماء الأخلاق بتعريفات كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ولكن سنذكر أهم تلك التعريفات ومنها :
1- تعريف ابن مسكويه ، فقد عرف الأخلاق بأنها " حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية . وهذه الحال تنقسم الى قسمين: منها ما يكون طبيعياً من أصل المزاج ، كالإنسان الذي يحركة أدنى شيء نحو غضب ويهيج من أقل سبب ، وكالإنسان الذي يجن من ايسر شيء كالذي يفزع من أدنى صوت يطرق سمعة أو يرتاع من خبر يسمعه ، وكالذي يضحك ضحكاً مفرطاً من أي شيء يعجبه ، وكالذي يغتم ويحزن من أيسر شيء يناله . ومنها ما يكون مستفاداً بالعادة والتدريب ، وربما كان مبدؤه الفكر ، ثم يستمر عليه أولاً فأولاً حتى يصير ملكة وخلقاً "
2- تعريف الغزالي حيث عرفها بأنها " هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بيسر وسهولة من غير حاجة الى فكر وروية ) .
ويلاحظ من التعريفين السابقين أنهما يجنحان إلى منهج فلسفي الى حد بعيد فابن مسكويه كما يقول عبدالله دراز " كان متأثراً في تفكيره الأخلاقي بالتفكير الأرسطى ، بل كان يتبع ارسطوا في هذا التفكير تماماً .. ولا أقول إن أفكار أولئك نسخه من أفكار هؤلا في جميع نواحيها ذلك أن للإسلام ولجهودهم الفكرية أثر في بعض نواحي تفكيرهم أيضا)
ومع ذلك فإن التعريفين قد كشفا لنا معان مهمة من معاني الأخلاق فهي صفات مستقره في النفس الإنسانية تصدر عنها لافعال وردوها سريعة بطريقه تلقائية لا تكلّف فيها ، وبهذا تظهر الأخلاق .
3- عرفها عبدالكريم زيدان بقوله " ويمكننا تعريف الأخلاق بأنهامجموعة من المعاني والصفات المستقره في النفس وفي ضوئها وميزانها يحسن الفعل في نظر الإنسان أو يقبح ، ومن ثم يقدم عليه أو يحجم عنه )
ولا يخفى أن هذا التعريف هو نفسه تعريف الغزالي مع إضافات غير خافية وتكمن اضافته الحسنة بأن المعاني والصفات المستقرة في النفس هي الضابط للإقدام والإحجام عن الفعل بحسب حسنة وقبحه .
وقد عرفها بعض العلماء بأنها " التحلي بالمليح والتخلي عن القبيح "
ولا شك أن هذا التعريف هو أخصر من التعريفات السابقة ، وأقرب الى الدلالة على المطلوب ، ولكن لو قيد بحسب الشرع لكان ذلك أحسن في نظرنا لتفادي توهم التحسين والتقبح العقليين وذلك غير مراد، فلو قيل " فعل المليح والتخلي عن القبيح بحسب الشرع " لكان هذا اولى حتى ننأى بالتعريف عن المناهج والتعريفات الفلسفية . وقد تنبه لذلك بعض الباحثين الأفذاذ مثل الدكتور يالجن فحدد مفهوم الأخلاق في الإسلام بقوله : " يمكن تحديد مفهوم الاخلاق في نظر الإسلام بأن الأخلاق عبارة عن علم الخير والشر والحسن والقبح وله قواعده التي حددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه "
والملاحظ أن الأخلاق في المعنى الاصطلاحي لا تبتعد كثيراً عن المعنى اللغوي – فنجد بينهما نسباً وصهراً ( فالعلماء يريدون بها تلك الصفات التي تقوم بالنفس على سبيل الرسوخ ، ويستحق الموصوف بها المدح أو الذم ) ولا شك أن المعاني اللغوية تدور حول هذه المفاهيم الاخلاقية كالدين والمروأه ويستحق من اتصف بها الذم والعكس صحيح ، فإن الأخلاق الكريمة مما تدعو اليها العقول السليمة والفطر المستقيمة ، ولهذا فإن الناس قد تعارفوا على أن الصدق والأمانة والوفاء بالعهود ونحو ذلك من الأخلاق الكريمة ، كما تعارفوا عن أن الكذب والغش والخيانة من الاخلاق الذميمة التي ترفضها العقول السليمة والفطر المستقيمة ، ثم جاءت الشريعة داعية الى المعروف من الأخلاق ناهية عن المنكر منها ، فقد قال صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " .






. الأخلاق في القرآن:‏
‏ أنزل الله عز وجل كتابه الكريم ليكون هدى ونوراً يضيء الطريق لأتباعه، ويهديهم إلى أحسن السبل وأكملها، يهذب أخلاقهم ويسوي اعوجاجهم ويصلح فاسدهم. فلا عجب من مجيء النصوص الكثيرة في القرآن العظيم تتناول جانب الأخلاق الحسنة وتمدح أصحابها والعاملين بها. ولقد جاءت نصوص كثيرة في القرآن تصف الأخلاق التي ينبغي أن يتصف بها عباد الله حتى ينالوا رضى الله وثوابه: ‏
أ- وصايا لقمان:‏
‏ يخبرنا الله عز وجل عن عبده لقمان الحكيم الذي أوصى ابنه بمجموعة من الوصايا، هي خلاصة تجربته ومعرفته بالحياة. ‏
‎‎ فمن ذلك قوله: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم ٌ} [سورة لقمان: 13]. ‏
‎‎ فبدأ وصيته بذكر أعظم شيء ينبغي أن يتمسك به وهو توحيد الله عز وجل وعدم الإشراك به، فهذا هو رأس الأمر، وكن الإسلام الأساسي. ‏
‎‎ ثم يبين له عظمة الخالق -سبحانه وتعالى- وعلمه المحيط، وقدرته النافدة فيقول: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِير ٌ} [لقمان: 16]. ‏
‎‎ ثم ينتقل إلى مناصحة ابنه للالتزام بما أمر الله -عز وجل - من إقام الصلاة، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وصبر على تحمل الأذى في سبيل دينه، فيقول: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور } [لقمان: 17]. ‏
‎‎ أي من الأمور الواجبة عليك ولست مخيّراً فيها. ‏
‎‎ قال ابن عباس: من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره . ‏
‎‎ ثم نهاه عن بعض الصفات الذميمة التي لا تجتمع مع الإيمان، كالاختيال والتبختر، والإعراض عن الناس كبراً وأنفة، فقال: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [لقمان: 18]. ‏
‎‎ وأخيراً يحثه على التواضع، والتوسط في المشي من غير تكبر ولا تجبر، وأن يخفض صوته، فإن رفع الصوت منكر وغير محمود، فقال: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير ِ} [لقمان: 19]. ‏
ب- صفات عباد الرحمن:‏
‏ جمع الله عز وجل صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان من آية 63-76، حتى يتصف بها عباده، فينالوا بذلك رضاه عنهم وثناءه عليهم. ‏
‎‎ فمن صفاتهم: أنهم يقتصدون في المشي، فيمشون بسكينة ووقار من غير تجبر ولا تكبر. {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا } [الفرقان: 63]. ‏
‎‎ وأنهم لا يجهلون مع أهل الجهل من السفهاء، ولا يخالطونهم في مجالسهم. {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } [الفرقان: 63]. ‏
‎‎ وأنهم يتعبدون لله عز وجل ليل نهار ابتغاء مرضاة الله. {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } [الفرقان: 64]. ‏
‎‎ وأنهم مع عبادتهم لله عز وجل فإنهم يخشون العذاب، فلذلك تجدهم يدعون الله سبحانه أن يصرف عنهم العذاب. {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً* إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَاماً } [الفرقان: 65-66]. ‏
‎‎ وأنهم وسط بين المسرفين المبذرين وبين البخلاء المقترين، فهم ينفقون لكن باعتدال {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } [الفرقان: 68]. وأنهم لا يتوجهون بالعبادة إلا إلى الله، ولا يضرب بعضهم رقاب بعض إلا بالحق، ولا ينتهكون أعراض الناس وحرماتهم، لأن اقتراف هذه الآثام كبيرة يؤدي إلى الخلود المهين في عذاب جهنم {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا } [الفرقان: 69-71]. ‏
‎‎ وأنهم لا يساعدون أهل الباطل فيشهدون لهم زوراً وكذباً، {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّور } [الفرقان: 72]. ‏
‎‎ وأنهم يحافظون على أوقاتهم ولا يفنونها في اللهو واللغو. {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [الفرقان: 72]. ‏
‎‎ وأنهم إذا وُعظوا وذُكّروا بالله وآياته خشعوا واستجابوا. {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } [الفرقان: 73]. ‏
‎‎ وأنهم يسألون الله عز وجل من فضله أن يرزقهم الزوجات الصالحات والذرية الطيبة وأن يكونوا أئمة في الهدى {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } [الفرقان: 74]. ‏
‎‎ فإذا اتصفوا بهذه الصفات الحسنة وتحلوا بها، فإن جزاءهم الموعود هو الجنة {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [الفرقان: 75-76]. ‏

‎2. الأخلاق في السنة المطهرة:‏
‏ أ- أخلاق محمودة حثَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم:‏
‏ عن أنس رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقاً ) متفق عليه. ‏
‎‎ وقد مدحه الله عز وجل بذلك فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [سورة القلم: 4]. وقد حدثت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول عليه الصلاة والسلام فقالت: (كان خلقه القرآن ) رواه مسلم. ‏
‎‎ وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى التخلق بالأخلاق الحسنة وحذرهم من الأخلاق السيئة، ووعد أصحاب الأخلاق الكريمة بالأجر الكبير والثواب الجزيل. ‏
‎‎ قال صلى الله عليه وسلم: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيَّ ) رواه الترمذي. وقال: حسن صحيح. ‏
‎‎ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: (تقوى الله وحسن الخلق ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح. ‏



‎‎ ومن هذه الأخلاق الحسنة: ‏
‎1-الحياء: ‏
‎‎ الحياء: خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. ‏
‏ الحياء من أقوى البواعث على الاتصاف بما هو حسن، واجتناب ما هو قبيح، فإذا تخلق به المرء سارع إلى مكارم الأخلاق، ونأى عن رذائل الصفات، وكان سلوكه سلوكاً نظيفاً مهذباً، فلا يكذب في القول، ولا تطاوعه نفسه في اقتراف الإثم.. والحياء بهذا المعنى هو الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، وحثّ عليه صحابته الكرام. ‏
‎‎ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بخير ) رواه البخاري ومسلم. ‏
‎‎ ومرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء -كأنه يقول: إن الحياء قد أضرّ بك - فقال صلى الله عليه وسلم: (دعه، فإن الحياء من الإيمان ) رواه البخاري ومسلم. ‏
‎2-العفة: ‏
‏ العفة: هي: الامتناع عن الحرام، وكفِّ السؤال من الناس. ‏
‎‎ المسلم الحق عفيف مستغن لا يتطلع إلى المسألة، ولا يريق ماء وجهه، بل يصون كرامته ويحفظ ماء وجهه مهما ساءت به الظروف، وألمّت به سوء الأحوال، فتجده يتذرع بالصبر حتى يفك الله عنه الضيق، ومن توكّل على الله جعل له مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب. ‏
‎‎ وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم المستعف بأن الله سيغنيه ويعفه، قال صلى الله عليه وسلم: (من يستعف يعفّه الله، ومن يستغن يغنه الله ) رواه البخاري ومسلم. ‏
‎3-الكرم:‏
‏ الكرم هو: الجود والعطاء والسخاء. ‏
‎‎ الإسلام دين يقوم على البذل والإنفاق، ولذلك حبّب إلى معتنقيه أن تكون نفوسهم سخية وأكفهم ندية، ووصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر، قال الله تعالى: {وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأتنم لا تظلمون } [البقرة: 272]. ‏
‎‎ وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: (تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) متفق عليه. ‏
‎‎ والكرم لا ينقص ثروة الكريم ولا يقربه من الفقر، بل هو طريق السعة والزيادة وسبب النماء، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفا ) رواه مسلم. ‏
‎‎ ب- أخلاق مذمومة حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم:‏
‏ 1- الكبر: ‏
‎‎ الكبر هو: التعالي عن قبول الحق، والترفع على الخلق.‏
‏ التكبر يتنافى مع الخلق الكريم، ويغرس الفرقة والعداوة بين الناس، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل من صلات، ولذلك شنّ الإسلام عليه حرباً شعواء حتى يطهّر منه النفوس والقلوب، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الداء العضال، وهدّد صاحبه بالعذاب والخزي، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس ) رواه مسلم . وقال أيضاً: (ألا أخبركم بأهل النار: كل عُتُلّ جواظ مستكبر )، رواه البخاري ومسلم. ‏
‎‎ العتل: الغليظ الجافي. ‏
‎‎ الجواظ: الجموع المنوع، وقيل الضخم المختال في مشيته. ‏
‎‎ وحسْب المتكبرين خزياً ومهانة في الدار الآخرة أن الله تعالى لا ينظر إليهم، قال صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جرّ ثوبه خيلاء )، رواه البخاري ومسلم. ‏
2- الحسد: ‏
‏ الحسد هو: تمني زوال النعمة عن صاحبها، سواء كانت نعمة دين أو دنيا. ‏
‎‎ حرم الإسلام الحسد، وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شرور الحاسدين، لأن الحسد جمرة تتقد في الصدر، فتؤذي صاحبها وتؤذي الناس. ‏
‎‎ وقد حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً شديداً فقال: (إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) رواه أبو داود. وضعفه السيوطي والألباني، وحسنه الحافظ العراقي من طريق أخرى في تاريخ بغداد. ‏
‎‎ ثم إن الحاسد شخص واهن العزم، جاهل بربه، وبسنته في كونه، وكان أجدى به أن يتحول إلى ربه فيسأله من فضله، فإن خزائنه سبحانه ليست حكراً على واحد بعينه. ‏
‎3-الغيبة: ‏
‎‎ الغيبة هي: أن تقول في أخيك ما يكرهه مما هو فيه. ‏
‏ عرفنا النبي صلى الله عليه وسلم بالغيبة التي حرّمها الإسلام ونفّر منها أشد التنفير، فقال صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم . قال: ذكرك أخاك بما يكره . قال رجل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) رواه مسلم. ‏
‎‎ بهته: كذبت وافتريت عليه. ‏
‎‎ فإذاً لا يجوز ذكر الغير بما يكرهه من النقائص والعيوب، سواءً كان ذلك متصلاً بنقص في بدنه أو خلقه أو نسبه؛ فإن ذلك مما يثير الفتن ويقطع الروابط ويمزق الصلات. وليست الغيبة مقصورة على الذكر باللسان فقط، بل ذلك شامل لكل ما يفيد معنى التحقير، سواء كان بالإشارة أو التلميح، قال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } [سورة الهمزة: 1]. ‏

3-من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم :‏
‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم على خلق عظيم، كما شهد له بذلك المولى تبارك وتعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم ٍ} [سورة القلم: 4]. ‏
‎‎ وقد وصفته ألصق الناس به وأكثرهم به مخالطة زوجته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها "حين سُئلت عن خُلقه فقالت: كان خُلُقه القرآن " رواه مسلم. ‏
‎‎ أي أن كل الصفات الحميدة التي دعا إليها القرآن قد اتصف بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكل الصفات الذميمة التي نهى عنها القرآن تركها النبي صلى الله عليه وسلم. ‏

‎‎4.‏ ومن صفات النبي صلى الله عليه وسلم: ‏
1. الحلم: ‏
‏ كان من صفات النبي صلى الله عليه وسلم الحلم وكظم الغيظ، وكان ينهى عن الغضب ويقول: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) رواه البخاري ومسلم. ‏
‎‎ وكان صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الحلم، ويُثني على من اتصف به، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: (إن فيك خصلتين يحبهما الله تعالى ورسوله: الحلم، والأناة ) رواه مسلم. ‏
‎‎ ومما يدل على حلمه صلى الله عليه وسلم: ما رواه أنس بن مالك قال: "كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْدُُ نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة. قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثّرت فيها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء " رواه البخاري ومسلم. ‏
‎‎ جبذ: جذب. ‏
‎2- التواضع: ‏
‏ التواضع خلق كريم يبعث على محبة الناس للعبد المتواضع، ويرفعه الله عند الناس، كما يعلي درجته في الآخرة. ونظراً لأهمية التواضع فقد وردت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تحبّب في التواضع وترغب فيه وتحض عليه، وتؤكد للمتواضعين أنهم كلما تواضعوا امتثالاً لأمر الله كلما ازدادوا عند الله رفعة وسُمُوّاً، قال صلى الله عليه وسلم: (ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) رواه مسلم. ‏
‎‎ والتواضع هو الدواء الناجع لآفة البغي والفخر والتكبر. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله أوضى إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد ) رواه مسلم. ‏
‎‎ وقد كانت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية مثالاً حياً للتواضع، وخفض الجناح، ولين الجانب، وسماحة النفس قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } [الشعراء: 215]. ‏
‎‎ ولا أدلّ على ذلك من أنه صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة فاتحاً كان في قمة التواضع والخشوع لله عز وجل، ولم تلهه نشوة الانتصار ولا فرحة التغلب على الأعداء عن هذه الخصلة الكريمة، كما يفعل الكفرة حين يتغلبون في الحروب. ‏
‎3- المزاح مع أصحابه:‏
‏ يجوز المزاح والمداعبة بالكلام من أجل غرس السرور والمؤانسة في نفوس الناس واستمالة القلوب، لكن في حدود الحق والصدق، وتجنب إيذاء الغير، وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم. ‏
‎‎ فعن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا؟ قال: "إني وإن داعبتكم فلا أقول إلا حقا ً"، رواه الترمذي، وقال حديث حسن. ‏
‎‎ وعن أنس: أن رجلاً قال: يا رسول الله، احملني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (إنا حاملوك على ولد الناقة : قال الرجل: وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.‏ ‎‎ وعن الحسن البصري: أنه صلى الله عليه وسلم قال لامرأة عجوز يوماً: "لا يدخل الجنة عجوز . فحزنت فقال له: إنك لست يومئذ بعجوز ، ثم قرأ: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا *عُرُبًا أَتْرَابًا } [سورة الواقعة: 35- 37]. أخرجه عبد بن حميد، وأخرج الجزء الأول منه الترمذي في الشمائل، وضعفه الحافظ العراقي. ‏
‎4- الرفق:‏
‏ ينبغي للمسلم أن يعامل أخاه بالرفق واللين، فلا يغلظ في قول، ولا يقسو في معاملة، وقد اتصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأدب، فكان من أسباب محبة الناس له وجمعهم عليه، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } [سورة آل عمران: 159]. ‏
‎‎ ومما يدل على لينه ورفقه بالناس صلى الله عليه وسلم ما رواه أبو هريرة قال: بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوه، وأريقوا على بوله سّجْلاً من ماء أو ذنوباً من ماء، فإنما بُعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسّرين ) رواه البخاري ومسلم. ‏
‎5- أثر حسن الخلق في نشر الإسلام:‏
‏ إن حسن الخُلُق يرفع منزلة صاحبه في الدنيا، ويرجح كفة ميزانه في الآخرة، إذ هو أثقل شيء في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخُلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيّ ) رواه الترمذي، وقال حسن صحيح. ‏
‎‎ ومن ثمَّ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد على أهميته للصحابة الكرام، ويحضهم على التجمل به، ويحببه إلى نفوسهم بأساليب شتى من قوله وفعله، إدراكاً منه لأثره الكبير في تهذيب الطباع، وتزكية النفوس، وتجميل الأخلاق. ‏
‎‎ وقد كان للرفق والسماحة والكلمة الطيبة والإحسان إلى الناس والرحمة بهم وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، الأثر القوي في انتشار الإسلام في ربوع المعمورة، فقد روى لنا التاريخ أن كثيراً من الشعوب في جنوب آسيا، كشعوب الفلبين وماليزيا وأندونيسيا وغيرهم، إنما دخلوا في الإسلام نتيجة احتكاكهم بالمسلمين، وتعرفهم على أخلاقهم الفاضلة التي كانوا يتعاملون بها معهم، مما جعلهم يتأثرون بأخلاقهم، ويتأسون بهم، الأمر الذي أدى إلى دخوله في دين الإسلام جملة من غير إكراه ولا قتال. ‏
‎‎ ولا شك أن الفطر السليمة تهتدي إلى الخير، وتنجذب إلى ما يدعو إلى الفضائل والمكارم.

وليدالحسني
مدير عام
مدير عام

عدد الرسائل : 396
العمر : 37
الموقع : www.alhasny.mam9.com
العمل/الترفيه : المسابقات
المزاج : رائق
تاريخ التسجيل : 28/08/2007

https://alhasny.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى